اقتصادمال و أعمال

أزمة الصرافة العشوائية تتواصل رغم الإجراءات الحكومية

بعد مناشدات وتحذيرات كثيرة من مختصين اقتصاديين عديدين، بضرورة منع التصريف العشوائي، نظراً لتأثيره المدمر على الاقتصاد السوري غابت البسطات وطاولات الصرافة المنتشرة في الشوارع، فلم تعد ترى الكراتين ورزم الأموال معروضة في الطرقات، لكن لا تزال تجد نفس الأشخاص منتشرين على طول شارع 29 أيار، شارع الصرافين، يهمسون للمشاة بكلمة “صراف، صراف”.

يحملق أحد الصرافين الذين شاهدناهم في ساحة المحافظة بنظرات ترنو بالخوف والحذر، وهو يمسك بيده رزمتَين من فئة الألفي ليرة ينتظر صديقه ليأتي له بكيس أسود يضع فيه تلك الرزم، ليضعها بعد قدومه، وهو ينظر يمنة ويسرة مهابة أن يراه أحد، ندنو لنسأله عن سعر تصريف الدولار لديه، فيسألنا كم لدينا، ويقول إنّه يصرف حسب السوق الموازي. وعن سبب هلعه وتستره أخبرنا بأنه تعرض لسرقة كل ما لديه من رزم أموال البارحة، فقد جاءت سيارة وفيها رجال مكافحة الصرافة من الأمن وصادرت كل ما لديه من أموال، رافضاً الإفصاح عن اسمه بعد معرفة صفتنا الصحافية.

ويتساءل الخبير الاقتصادي عابد فضلية قائلاً: كيف يمكن أن تكون السوق السوداء للصرافة موجودة وذات نشاط واسع طالما لدينا سوق نظامية تقوم بها شركات ومصارف مرخصة وقوية؟

ويشرح الخبير الاقتصادي بأنه رسمياً لا يوجد لدينا ما يسمى صرافون، بل الجهات المسموح لها بالتصريف رسمياً هي شركات الصرافة المرخصة والمصارف، أما الصرافون بالمفهوم الشعبي فهم أصحاب مكاتب أو محلات أو ربما بسطات يقومون بالتصريف سراً بالخفاء ودون أي ترخيص.

ويضيف فضلية: لدينا فرق عديدة من الصرافين، فريقان فحسب يعملان رسمياً وعلنياً، وهما شركات الصرافة والمصارف، أما الباقي فتعاملهم مخالف للقانون بعيداً عن أعين الأجهزة الرقابية، وهذا الأمر له العديد من السلبيات، أهمها أن الأسماء التي تتعامل بالسر مع أي من الفرق غير المرخص لهم ليست معروفة ولا يمكن أيضاً معرفة حجم المبالغ التي يتبادلونها، وهذه مسائل غاية في الأهمية بالنسبة للسلطات الرسمية لتحديد المتعاملين في القطع النقدي والمالي، ولتحديد حجمهم ودورهم الاقتصادي، عدا عن أنهم يخالفون الكثير من القوانين ويتهربون من تسديد حقوق عمالهم في التأمينات الاجتماعية وحق الدولة في الضرائب على أنشطتهم.

وعلى الرغم من سلبيات وجود هؤلاء الصرافين، فإن فضلية يرى وجود جوانب إيجابية في بقائهم، فهذا يلجم محاولات احتكار شركات الصرافة والمصارف للعملة والتحكم في السوق.

واستبعد فضلية أن يخفض إجراء منع الصرافين من قيمة الدولار؛ لأن قيمة الليرة خلال فترة محددة لا ترتفع ولا تنخفض، مشيراً إلى أنه سيكون هناك جهة رابحة ومقابلها جهة خاسرة.

وقال إن الأسوأ في هذه الحالة التذبذب الكبير والمتواتر بالسعر، فهو يربك قطاع الأعمال، ونسبة كبيرة من المواطنين والناشطين في القطاع الأهلي، إذ إن تواتر هبوط السعر يجعل الناس تتريث بالشراء والعكس صحيح، أي عندما يتواتر الارتفاع بالسعر فإن الناس تتريث بالبيع، فينعكس كل ذلك على النشاط الاقتصادي ومعدلات النمو ومستوى المعيشة. يذكر أن الأسواق السورية تعاني من أزمة سيولة كبيرة في العملة المحلية بسبب الإجراءات الحكومية.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى