
عاد أحمد ومحمد ملص إلى منزلهما في حيّ العدوي في دمشق بعد انقضاء أربعة عشر عاماً على خروجهما منه، ومن البلاد بأكملها على خلفية ملاحقة الأجهزة الأمنية بسبب موقفهما المؤيد للثورة السورية، والعودة إلى المنزل ليست الحدث الأهم، وإنما إعادة إحياء مسرح الغرفة الذي يحتضنه هذا المنزل والذي يشهد عرض مسرحية “كلّ عار وأنتم بخير” ابتداء من 20 أيار الجاري ولغاية 5 حزيران المقبل.
وتقتصر المسرحية على شخصيتين محوريتين فقط، هما “الشاعر المثقف”، التي يجسدها أحمد ملص، المصاب باليأس نتيجة تبدد حلمه في إنجاز التغيير المأمول اجتماعيّاً وسياسيّاً، والذي ينخرط في سجال دائم مع شخصية “المجند المتحمس”، التي يجسدها أخوه أحمد، المقتنع بأن إقدام المنظومة الأمنية والسياسية، التي ينسب نفسه إليها، على تبديد هذا التغيير وقمع من هم وراءه هو ضرورة ملحة لحفظ الاستقرار.
ظاهريّاً، يطغى التناقض بين المثقف المكسور الذي عانى الأمرّين من خوف وتعذيب داخل سجون الأفرع الأمنية، وبين المجند المدافع عن الروايةَ الرسمية والمتبني لها بكل تفاصيلها على أمل أن تتحسن أوضاعه مهنيّاً ومعيشيّاً، لكن سرعان ما يتبين زيف هذا التناقض مع مرور الزمن الذي شاخ كل منهما، فالمثقف بقي على انكساره، والمجند أُحيل إلى تقاعدٍ خالٍ من المَيّزات والتعويضات.
وهكذا يتكشف المصير المشترك الذي أفرزته المنظومة لشابٍّ عارضها وآخر أيدها، فأحلام كليهما قُتلت على يد الجهة نفسها وإن على فترات زمنية متباعدة، وكلاهما واجه واقعاً أليماً يملؤه العوز وضنك العيش الذي تحتضنه غرفة متواضعة، وهذا ما يدفع الشخصيتين للتصالح فيما بينهما معبرين عن ذلك بالرقص والغناء في محاولة يائسة للتغطية على الآلام التي أخذت من عمريهما الكثير.
صحيح أن مسرحية “كلّ عار وأنتم بخير” أعادت افتتاح مسرح الغرفة الذي أطلقه الأخوان ملص لأول مرة في عام 2009، إلا أنها ليست العمل الفني الأول الذي قدّماه منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول الماضي، فقد سبقه عرضان مسرحيان هما “اللاجئان” و”انتصار وطن”.
المصدر: العربي الجديد