
مع إعلان نتائج الثانوية العامة المصرية، يتنفس آلاف الطلاب السوريين في مصر الصعداء، بعد أشهر من القلق والدراسة والتحضير، لكن فرحتهم لم تكتمل، إذ لا يلبث يتبدد الشعور بالراحة أمام واقع معقد من التحديات، يبدأ بسؤال محوري: ماذا بعد؟
بالنسبة لهؤلاء الطلاب، لا يعد النجاح نهاية الطريق، بل بداية لسلسلة قرارات مصيرية تتقاطع فيها الهجرة بالهوية، والسياسة بالتعليم، والفرص بالمصير الشخصي، فهل سيواصلون تعليمهم الجامعي في مصر؟ أم يفكروا بالعودة إلى سوريا، وماهي الخيارات الواقعية المتاحة أمامهم؟
ويلجأ العديد من الطلاب السوريين في مصر إلى إتمام دراستهم الجامعية في الجامعات المصرية، سواء الحكومية أو الخاصة، ويعتبر هذا القرار الأقل مخاطرة، إذ يتيح لهم البقاء في بيئة اعتادوا عليها، مع استمرارية في التعليم بطريقة ونظام دراسي أصبحوا جزءا منه.
لكن هذا الخيار ومع عدد من القرارات التي صدرت العام الماضي لا يخلو من العراقيل، ومن أبرزها ارتفاع رسوم القيد الجامعي الذي يتم الحصول عليه في أثناء التسجيل إلى 2100 دولار أميركي حتى في الجامعات الحكومية، حيث أعلنت الإدارة المركزية لشؤون الطلاب الوافدين في مصر عن رسوم القيد الجامعي بالدولار الأميركي لجميع الوافدين من دون استثناء السوريين.
بالإضافة إلى معاملة الطالب السوري كالوافد في الجامعات الخاصة، أما في الجامعات الحكومية ما يزال السوري يحظى بمعاملة الطالب المصري في المصروفات الدراسية.
وفرضت الجامعات المصرية الحكومية العام الماضي رسوما إدارية جديدة على الطلاب السوريين بالدولار الأميركي، تشمل خدمات مثل استخراج البطاقة الجامعية والشهادات، بناء على بيان أصدرته إدارة شؤون ورعاية الوافدين يقضي بفرض الرسوم الإدارية الخاصة بالخدمات المقدمة في الجامعات.
كما يعتبر الحصول على إقامة دراسية للمرة الأولى مستحيلا في حال كانت الإقامة السابقة للطالب إقامة سياحية، مما يعرقل التسجيل الجامعي للعديد منهم.
رائد محمد (18 عاما) سوري مقيم في القاهرة، يقول في حديثه لموقع ” تلفزيون سوريا”، نجحت بمجموع 87 بالمئة في الشهادة الثانوية، ما يؤهلني لأدخل الكلية التي أريدها، واستطعت تأمين مبلغ التسجيل، لكن آخر إقامة حصلت عليها كانت سياحية وهو ما يمنعني من الحصول على إقامة دراسية، ومن غيرها لا يمكنني تكملة دراستي.
من جهته، مازن الشيخ، سوري ومدير مكتب تسجيل الوافدين في الجامعات المصرية، يقول إن الطالب السوري في مصر ليس لاجئا بمعنى الحماية التعليمية الكاملة، ولا مواطنا يتمتع بحقوق التعليم المجاني، بل هو عالق في تصنيف إداري غامض، لا توجد اتفاقيات مفعلة بين وزارتي التعليم المصرية والسورية لتسهيل معادلة الشهادات والنقل الأكاديمي.
رغم أن الطالب العائد إلى سوريا يحمل الجنسية السورية، إلا أنه لا يعامل دائما مثل أقرانه (الطالب المقيم)، بل تفرض عليه شروط إضافية في كثير من الحالات.
وبحسب طلاب أرادوا العودة إلى سوريا، تطلب وزارة التعليم العالي السورية من الطلاب العائدين من الخارج إجراء امتحان سبر معلومات أو تقديم شهادة معادلة، خصوصا إذا كانت الشهادة الثانوية صادرة من نظام تعليمي مختلف مثل مصر أو لبنان أو تركيا.
وبحسب وزارة التعليم العالي السورية، فإنه يمكن للطالب السوري غير المقيم والحاصل على شهادة الثانوية العامة غير السورية التقدم إلى مفاضلات القبول العام، ولكن تحسم نسبة 10 بالمئة من معدل الشهادة، وذلك بعد طي درجات بعض المواد مثل (التربية الدينية، والرياضية، والعسكرية، والفنية، والموسيقية) إن وجدت.
أما في حال التقدم إلى مفاضلة السوري غير المقيم أو مفاضلة الجامعات الخاصة للكليات، يتم طي درجة المواد المذكورة نفسها، ولكن من دون حسم أي نسبة من معدل الشهادة الثانوية، وفق الشروط المحددة في الإعلان الخاص بكل مفاضلة.
في الفترة الأخيرة، قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في سوريا بتشكيل لجنة وزارية خاصة لدراسة وضع الطلاب برئاسة معاون وزير التعليم لشؤون الطلاب، وباشرت اللجنة أعمالها بهدف دراسة واقع الطلاب السوريين المقيمين في مصر والمسجلين في الجامعات المصرية، ولا سيما أولئك الذين يدرسون على أساس الشهادة الثاتوية المصرية، وذلك لتقديم مقترحات عملية وتنظيمية تسهم في تسهيل انتقالهم إلى الجامعات السورية.
ولكن حتى الآن، لم تصدر أي قرارات جديدة بخصوص طلاب الثانوية العامة الراغبين بالتسجيل في الجامعات السورية.
المصدر: وكالات