سياسة

الرئيس الشرع: من يطالب بالتقسيم في سوريا سياسي جاهل وحالم

أكد رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع، رفضَ المجتمع السوري لفكرة التقسيم، واصفاً من يطالب بالتقسيم في سوريا بأنه “سياسي جاهل وحالم”.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية عقدها الرئيس الشرع مع أكاديميين وسياسيين وأعضاء من النقابات المهنية والوجهاء في محافظة إدلب، بحضور عدد من الوزراء.

وقال رئيس الجمهورية: “أسقطنا نظام الأسد في معركة تحرير سوريا وأمامنا معركة توحيدها”.

وأوضح أن “هناك قواعد عامة رسخت في سوريا ونالت مباركة جميع الدول الإقليمية والكبرى، تتمثل في وحدة الأراضي السورية وحصر السلاح بيد الدولة، وهذه البنود متفق عليها محلياً وإقليمياً ودولياً، وغير قابلة للمساومة”.

وأضاف: “من يطالب بالتقسيم في سوريا جاهل سياسي وحالم، والمجتمع في سوريا غير قابل للتقسيم، ويرفض فكرة التقسيم”.

وأكد الشرع أن “عوامل وظروف التقسيم في سوريا غير متوافرة لدى أي طرف”، معتبراً أنه “لا توجد مخاطر حقيقية للتقسيم، وإنما هناك رغبات لدى بعض الناس في محاولات إنشاء كانتونات محلية داخلية، ولكن هذا الأمر مستحيل أن يحدث”.

وأشار إلى وجود أطراف دولية “لا تريد لسوريا أن تكون قوية، ولذلك تحاول ضرب أهم أساس فيها وهو وحدتها الداخلية”.

وقال إن “استقواء بعض الأطراف بإسرائيل، أمر صعب جداً؛ فالمنطقة الجنوبية ذات كثافة بشرية وأي عدو يريد الدخول إليها سيضطر أن يضع شرطياً على باب كل بيت، وهذا الشيء صعب في واقع الحال”.

وأوضح الشرع أن إدارة مشهد الثورة كانت “أصعب” من إدارة الدولة حالياً، رغم تضخم حجم المخاطر والصعوبات في المرحلة الراهنة. وأرجع نجاح تحرير سوريا بالكامل إلى “التفاهم ما بين السلطة والشعب أو وحدة الحال”. وشدد على أهمية “تحليل المشهد تحليلاً منطقياً وواقعياً” كخطوة أولى نحو اتخاذ “الحلول الصحيحة”. وفي رده على مزاعم تهميش المناطق المحررة سابقاً، أكد أن “المناطق المحررة سابقاً على رأسها إدلب… أصبحت محفورة في ذاكرة العالم كله”.

وتطرق الرئيس الشرع إلى التحديات التاريخية التي واجهت سوريا، مشيراً إلى “إرث ثقيل جداً خلال الـ 100 سنة الماضية و60 سنة الماضية بالذات”، حيث ورثت الأجيال المتعاقبة “تعباً وضنكاً وعيشاً صعباً وتحديات صعبة”.

وأكد أن الحلول ليست “علاجات سحرية” تحدث بين عشية وضحاها، بل تتطلب “فترتها الزمنية ونموها الطبيعي”، مؤكداً على ضرورة وجود “أهداف وخطط استراتيجية” ومنهجية واضحة في تحديد الأولويات لبناء البلاد.

وشدد الشرع على أن مهمة “أبناء الثورة” لم تنتهِ بوصولهم إلى دمشق، وحذر من خطورة السعي إلى “تقاسم السلطة والغنائم”، داعياً إلى تبني “عقلية دولة” تتسم بالتصالح والشمولية، لا “عقلية إقصائية وأحادية التفكير”. وأكد أن سوريا لديها “فرصة عظيمة جداً وضخمة” لتكون رائدة، وأن “رأس مالها الأساسي هو وحدتها الداخلية” التي تسعى بعض الأطراف الدولية لضربها.

وأوضح أن “الثورة بالنسبة لنا قد انتهت” كمرحلة، وأن إدارة الدولة يجب أن تتم “بعقلية جديدة ومختلفة” عن بيئة الثورة. وشدد على أن توحيد سوريا يجب أن يتم “دون دماء وقوة عسكرية”، بل بـ “نوع من التفاهم”، لأن البلاد “تعبت خلال السنوات الماضية من الحرب”.

ونفى الرئيس الشرع وجود “مخاطر تقسيم” لسوريا، واصفاً هذا الأمر بـ “المستحيل أن يحدث منطقياً وسياسياً وعرفياً وعقلياً”. واستند في ذلك إلى أن “تغيير الخرائط الحالية على المستوى العالمي هذا خطر كبير صعب أنه يتنفذ”، مستشهداً بحالات مثل جنوب السودان. واعتبر أن من يطالب بالتقسيم في سوريا لديه “جهل سياسي وحالم”، وأن أفكاره “الحالمة تؤدي أصحابه إلى الانتحار”. كما أكد أن “المجتمع في سوريا هو غير قابل للتقسيم” حتى في المناطق التي قد يظهر فيها هذا الرأي. ورفض أي محاولة للاستقواء بقوى إقليمية كإسرائيل، واصفاً ذلك بـ “الشيء الصعب جداً ولا يمكن تطبيقه”.

وتلقى الشرع مداخلات من الحضور تركزت على ضرورة إعادة الحياة للمناطق المحررة حديثاً، خاصة ريف إدلب الجنوبي، التي لم يعد أهلها إليها رغم التحرير. وطالب أحدهم بمعاملة المنطقة “كمنطقة منكوبة بكل معنى الكلمة” في ميزانية الدولة.

وأقر الشرع بأن تحسينات البنية التحتية في المناطق المتضررة “غير كافية وبطيئة”. وعزا ذلك إلى “ضغوطات كثيرة” منها العقوبات الاقتصادية، وتآكل إيرادات الدولة، وصفرية البنك المركزي عند توليهم الحكم، والترهلات الإدارية، وتذبذب سعر الصرف، وتراجع الإنتاج الزراعي.

ولمواجهة هذه التحديات المالية، أعلن عن قرب الإعلان عن “صندوق التنمية” لجمع التبرعات من السوريين والمغتربين، مؤكداً الاعتمادَ على الموارد السورية لتجنب القروض الطويلة التي قد تقيد القرار السياسي. كما كشف عن فتح الباب “للاستثمارات الأجنبية”، والتي بلغت قيمتها المباشرة خلال الأشهر السبعة الماضية 28.5 مليار دولار، ويتوقع أن تصل إلى 80-100 مليار دولار بنهاية العام. سيوفر هذا الاستثمار فرص عمل ويعيد بناء البنى التحتية، وسيركز الصندوق على إعادة بناء المناطق المدمرة ودعم الزراعة والصناعات المتعثرة.

زر الذهاب إلى الأعلى