رغم انخفاض أسعار المحروقات… الأسواق لا تستجيب لتخفيض الأسعار والرقابة غائبة !!

يتزايد حديث الصناعيين والتجار عن ارتفاع تكاليف الإنتاج باعتباره أحد أبرز تحديات المرحلة الحالية، إذ اعتمد كثير منهم خلال الأشهر الماضية أسعاراً مرتفعة بحجة التكاليف.
لكن بعد خفض أسعار المحروقات بأكثر من 20%، يبرز السؤال الجوهري: هل سيبادر المنتجون إلى مراجعة تلك التكاليف وتخفيض الأسعار؟
حتى الآن تبدو الاستجابة متباينة؛ إذ خفضت بعض الفعاليات الاقتصادية أسعارها بنسب محدودة، بينما بقيت قطاعات كاملة خارج دائرة التغيير، ما يعكس فجوة واضحة بين القرارات الحكومية وما يحدث فعلياً في الأسواق، وسط شكوك في قدرة الإجراءات الحالية على ضبط الأسعار وإعادة التوازن.
على مستوى الأسواق، ومن خلال الجولات الميدانية، لا يمكن الحديث عن انخفاض ملموس أو واسع في الأسعار، فاستجابة السوق لا تزال أقل من المتوقع ومتفاوتة من محل إلى آخر، رغم أن معطيات الكلف تشير إلى ضرورة حدوث تراجع أكبر.
وفي لقاءات مع عدد من المواطنين بأسواق دمشق، يقول أحد الموظفين إن الرقابة “غير ملموسة”، والفروقات الكبيرة بين الأسعار تثير التساؤلات حول غياب مرجعية واضحة للتسعير أو عدم التزام الفعاليات التجارية بها، ما يضع المستهلك تحت رحمة الاستغلال.
وتشير إلى فارق الأسعار الكبير بين محل وآخر، معتبرة أن ذلك نتيجة “التسعير العشوائي” الذي يحتاج إلى تدخل أكثر حزماً.
فيما يصف أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي عبد الرازق حبزة، تخفيض أسعار المحروقات على السوق بأنه “ترضية جزئية”، وكان من المفترض أن ينعكس إيجابياً على كلف الإنتاج وبالتالي أسعار السلع، لكن التحديات لا تزال مستمرة.
ويقول إن قرار تخفيض أسعار البنزين والمازوت والغاز أثار جدلاً واسعاً، ورغم أهمية المشتقات النفطية ودورها الكبير في تحديد هيكل الأسعار، إلا أن الكهرباء تبقى المصدر الرئيس للطاقة، خاصة مع دخول فصل الشتاء.
ويشير إلى أن المستهلكين لم يلمسوا حتى الآن أي انخفاض فعلي، بل على العكس، شهدت الأسواق ارتفاعات فورية بمجرد صدور زيادة تعرفة الكهرباء، ما يكشف عن خلل في آليات السوق.
ويطالب حبزة بتفعيل الرقابة وتنسيق الجهود بين وزارات الاقتصاد والصناعة والنقل لضمان انتقال أثر التخفيض إلى المستهلك.
كما يؤكد حبزة أن قطاع النقل من أكثر القطاعات التي لم تستجب للتخفيض، فبالرغم من انخفاض سعر المازوت بقيت أجور النقل على حالها، ما ألغى أي أثر إيجابي للتخفيض.
كما لا تزال كلفة نقل المواد من مراكز الإنتاج إلى الاستهلاك تُحمّل بالكامل على المستهلك.
وينبه إلى أن ربط الحكومة لأسعار المحروقات بسعر صرف الدولار يخلق حالة عدم استقرار يومية، ويفتح الباب أمام التلاعب، لأن التجار لا يتعاملون مع السعر الرسمي بل مع سعر السوق الموازية.
ويضيف أن الأسعار الجديدة للمحروقات، رغم التخفيض، لا تزال مرتفعة ولا تتناسب مع دخل المواطن، سواء الغاز أو المازوت، ما يشكل ضغطاً إضافياً على الأسر.
المصدر: صحيفة الثورة
