وزير العدل: إعادة تفعيل قوانين مكافحة الطائفية ضرورة وطنية

أكد وزير العدل مظهر الويس، أن تعزيز الروح الوطنية ومواجهة العصبيات الضيقة يمثلان أولوية قصوى في هذه المرحلة، مشدداً على ضرورة إعادة تفعيل القوانين التي تُجرّم الطائفية والتحريض، بروح العدالة والحياد، بعيداً عن الانتقام أو الإقصاء.
وفي تغريدة على منصة “إكس”, قال الويس “نحن بحاجة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى تعزيز الروح الوطنية، فعندما تضعف الهويات الجامعة تبدأ العصبيات الضيقة بالظهور، ولقد علّمنا التاريخ أن مشاريع التفريق والتمزيق لا تدوم، وأن السوريين مهما تباينت آراؤهم ومشاربهم؛ يعودون دائماً إلى نقطة اللقاء: الوطن. فلا ملاذ لهم إلا بعضهم البعض، كما يُقال، ولا قوة تعلو على وحدتهم عند الثقة بذاتهم وبقيمهم المشتركة”.
وأضاف: “حريٌّ بالعقلاء أن يصدحوا بالحقيقة بلا مواربة، وأن يصمدوا في وجه ثقافة الدهماء، لأنّ ثمن ذلك ليس مجرد شعارات عابرة، بل دماء تسيل، وأشلاء تُبعثر في دروب الفتنة”.
ووفق الوزير، فقد “سُخّرت النصوص القانونية التي أُنشئت لحماية وحدة البلاد وهيبة الدولة، في عهد النظام البائد، كسلاحٍ ضد المُعارضين لا ضد المُحرّضين، فاستُغلّت لتكميم الأفواه، بينما تُركت العصبيات تنهش جسد المجتمع بلا رادع. وإن سوء استخدام المواد القانونية التي تُجرّم الطائفية وإثارة النعرات لا يُسقط شرعيتها ولا يُلغي صوابيتها، فهي جزء أصيل من التشريعات السورية منذ نشأة الدولة، وتسبق زمن تغوّل النظام البائد عليها وتوظيفها لخدمة قمعه وطول أمد حكمه”.
وأردف الويس: “لقد جاءت هذه النصوص لتصون وحدة البلاد وهيبة مؤسساتها، وأكّد عليها الإعلان الدستوري بصفتها نافذة وملزمة، إلا أن التطبيق الجائر في ظل النظام البائد أساء إلى جوهرها وعدالتها. ولذا، فإن إعادة تفعيل هذه المواد تُعدّ ضرورة ملحّة، على أن تتم بروح الحياد والنزاهة، لا بمنطق الانتقام ولا بمنهج الإقصاء، كي تستعيد وظيفتها الأصلية في حماية الوطن وصون وحدته”.
وأشار إلى أن “ترسيخ الوعي بهذه القضايا المصيرية، وإعلاء الصوت بالحقيقة – وهذا ما سعينا ونسعى لأجله دائماً – يُعد الخطوة الأولى نحو مجتمعٍ متماسكٍ وموحّد”، مضيفاً: “اليوم، على الدولة أن تنهض بمسؤولياتها بكل وضوحٍ وحزم، فتواجه دعاة الفتنة ومُثيري النعرات الطائفية، وتُعيد إنفاذ القانون بروح العدالة، لا بميزان الانتقائية ولا بمكيال مزدوج، بما يكرّس الإنصاف، ويُعيد الاعتبار لمفهوم المواطنة، ويُحصّن الوطن من الانقسام والتشرذم”.
وتابع قائلاً: “وفي قلب هذا النهوض، تبرز حرية التعبير كركيزة أساسية لدولة العدالة. فهي ليست منّة تُمنح، بل حقّ يُصان، وممارسة واعية تُعبّر عن روح الوطن وتُعلي صوت العقلاء في وجه ثقافة التحريض. وإنّ ترسيخ هذا الحق لا يعني التغاضي عن التحريض أو السماح بانفلات الخطاب، بل يتطلّب توازناً دقيقاً يضمن حماية الفضاء العام من الفوضى، ويصون حق الجميع في التعبير دون أن يتحوّل إلى منصّة للبغضاء أو التحريض. وهنا تتقاطع مسؤولية الدولة مع حقوق المواطن: فالدولة تُؤمّن المناخ الآمن والمؤسسات الضامنة، والمواطن يُمارس حقه بوعي وانضباط، لترسيخ بيئة حوار حرّ ومنتج، يتجاوز ردود الفعل ويصنع مساحات للتفاهم المشترك والبناء الوطني، تحكمها النزاهة ويظللها الانتماء”.
وختم: “بالمحصلة، فإنّ تجسيد الروح الوطنية ومواجهة التحريض لا يُمثّلان واجباً رسمياً فحسب، بل يُعدّان مسؤولية جماعية تتقاسمها كل أطياف المجتمع، ويُلقى ثقلها على كاهل كل مواطنٍ غيورٍ على وطنه. فالوحدة الوطنية ثمرة الجهود المشتركة والوعي الجمعي، والعمل الدؤوب الذي لا ينكفئ أمام الانقسامات، ولا يخضع لضجيج التعصب، بل يسمو بمصلحة الوطن فوق الأهواء والانتماءات الضيقة، وهو السبيل إلى تعافي البلاد واستقرارها، واستعادة طمأنينتها وهيبتها التي خُسرت طوال عقودٍ من الظلم والاستبداد والتضليل”.