التعرفة الجمركية الجديدة.. تداعيات القرار وآثاره الاقتصادية على المواطنين
أصدرت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية نشرة الرسوم الجمركية الموحدة التي تسري على جميع الأمانات الجمركية في المنافذ البرية والبحرية والمطارات، ويُعمل بأحكامها اعتباراً من تاريخ إصدارها، وسبق الإعلان عن هذه النشرة عدة اجتماعات لحكومة تصريف الأعمال ممثلة بوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية مع الصناعيين السوريين الذين أبدوا مخاوفهم من منافسة البضائع الأجنبية، وخاصة التركية منها.
مع الإعلان عن تطبيق نشرة الرسوم الجمركية، انقسمت الآراء بين مؤيدين يرون فيها خطوة نحو دعم الاقتصاد المحلي وتنظيم حركة التجارة وتشجيع المدن الصناعية الرئيسية والقطاع الصناعي عموماً والزراعيين السوريين، ومنتقدين يعتبرونها عبئاً إضافياً على كاهل المواطنين والتجار، خاصة في ريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب؛ إذ إن القرار الذي يفترض أن يهدف لتوحيد التعريفات الجمركية بين مختلف المعابر وإلغاء التفاوت الكبير بينها جاء في وقت حرج، تعاني فيه سوريا من أزمات اقتصادية متراكمة ونقص في الخدمات الأساسية بعد هروب الأسد من البلاد وترك اقتصادها منهاراً.
الأسباب وراء إصدار القرار
وفقاً للتصريحات الرسمية الصادرة عن مدير الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، ترى الحكومة أن النشرة الجمركية الموحدة تمثل خطوة محورية لدعم المنتج المحلي وتحفيز النمو الاقتصادي في البلاد.
كما أوضح علوش في تصريحاته، ركزت على تشجيع القطاع الصناعي من خلال تخفيض الرسوم على المواد الأولية اللازمة للإنتاج، وهو ما يُعد دافعاً للصناعيين لإعادة بناء منشآتهم وتشغيل خطوط إنتاج جديدة. كما تضمنت النشرة تطبيقاً للرزنامة الزراعية بهدف حماية الفلاحين وتوفير بيئة تنافسية تعزز الإنتاج الزراعي المحلي، ما يسهم في دعم الاستدامة الاقتصادية في هذا القطاع الحيوي.
إلى جانب ذلك، أبرزت الحكومة أن هذه النشرة تأتي في إطار رؤية أشمل لجذب الاستثمار من خلال تقديم إعفاءات مغرية للمستثمرين في سوريا الجديدة بعد سقوط النظام السابق، خاصة أولئك الذين فقدوا منشآتهم خلال سنوات الحرب ويسعون لاستعادتها، أو الذين يخططون لإنشاء مشاريع صناعية جديدة في البلاد. الحكومة ترى في هذا القرار وسيلة لتعزيز القدرة الإنتاجية المحلية، وتقليل الاعتماد على الواردات، وبالتالي توفير فرص عمل للمواطنين.
كما أشار علوش إلى أن النشرة تضمنت تخفيضاً ملحوظاً في الرسوم الجمركية لبعض المواد بنسبة تتراوح بين 50 و60%، وهو ما يُفترض أن يؤدي إلى خفض تكاليف الإنتاج والتوزيع، مما يعود بالنفع المباشر على المستهلكين من خلال توفير السلع بأسعار أقل. وترى الحكومة أن هذه الإجراءات، على المدى الطويل، تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين وتعزيز قدرتهم على تلبية احتياجاتهم، مما يسهم في خلق بيئة اقتصادية أكثر استقراراً وعدالة.
تحديات أمام تنفيذ القرار
يبدو أن التعرفة الجمركية الجديدة مصممة لتقديم تطمينات للقطاع الصناعي، مع التركيز على تعزيز موارد خزينة الدولة لتلبية الاحتياجات المتزايدة للإنفاق الحكومي في مجالات الأمن والخدمات العامة مثل البلديات، إضافة إلى تأمين رواتب الموظفين التي ستزداد بنسبة 400%. ومع ذلك، فإن الاختلالات العميقة في القطاع الصناعي، مثل نقص الكهرباء والوقود الضروري لتشغيل المصانع وورش العمل، بالإضافة إلى ضعف التنسيق والتكامل بين صناعيي “المناطق المحررة سابقاً” وصناعيي مراكز المدن، ستحد من قدرة الإنتاج المحلي على تغطية احتياجات السوق بشكل كامل.
في ظل هذه التحديات، يصبح وجود المنتجات الأجنبية بأسعار مقبولة عاملاً مهماً لتلبية الطلب المحلي والمحافظة على استقرار السوق والأسعار.
في المجمل، ترى الحكومة أن النشرة ليست سوى البداية ضمن سلسلة من الخطوات المرتقبة التي ترمي إلى إرساء قواعد اقتصادية صلبة، مع إعلانها أن الهدف النهائي هو رفع مستوى المعيشة وضمان حياة كريمة لكافة المواطنين في عموم البلاد.
أدى تطبيق النشرة الجمركية الجديدة إلى اضطرابات كبيرة في الأسواق، خاصة في مناطق شمالي سوريا، في كل من ريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب، حيث واجه التجار والمستهلكون على حد سواء موجة من الارتفاعات الحادة في أسعار العديد من السلع الأساسية، خصوصاً أولئك الذين يعتمدون في عملهم على الاستيراد من خارج سوريا عبر تركيا منذ سنوات، ولديهم سلاسل إمداد خاصة بعملية الاستيراد. شهدت الأسواق زيادة تصل إلى 10% في أسعار السلع تقريباً كحصيلة أولية للإرباك الذي نتج في السوق نتيجة للقرار، مما أثر على توازن العرض والطلب.
المصدر :تلفزيون سوريا