مطالبات بتقليل الولادات القيصرية بمصر.. واقتراح بالعودة لـ”الداية”

مازالت ظاهرة الولادات القيصرية التي تشهد مصر ارتفاعات كبيرة فيها تثير تساؤلات كثيرة حول أسبابها وتحولها لتجارة و”بيزنس”، ما دفع وزارة الصحة إلى إصدار حزمة من الإجراءات الملزمة للتقليل منها وعدم اللجوء إليها إلا للضرورة القصوى.
وأكدت عبلة الألفي، نائب وزير الصحة والمشرف العام على المجلس القومي للسكان، أن مصر تتصدر دول العالم في معدلات الولادة القيصرية، حيث بلغت نسبتها نحو 72% في عام 2021، موضحة أن الولادة الطبيعية هي الأصل طبياً، فيما تعد القيصرية عملية جراحية يجب أن تقتصر نسبتها عالميا على حدود 10% فقط.
وقالت إن هذه المعدلات تمثل مؤشرا مقلقا على النظام الطبي المرتبط بعمليات الولادة، وفي عام 2000 كانت مصر تسجل نسبا منخفضة، إلا أن المعدل بدأ في الارتفاع التدريجي ليصل عام 2008 إلى 28%، في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تسجل 33% فقط.
وأشارت إلى أنه بحلول عام 2014 تضاعفت النسبة لتصل إلى 52%، لتصبح مصر ثالث أعلى دولة عالميا في الولادة القيصرية، ومع استمرار الزيادة، تصدرت مصر القائمة عام 2021 بنسبة قياسية بلغت 72%.
وأضافت أن قرار اللجوء للولادة القيصرية يجب أن يكون طبيا بحتا، وأن تجرى عند الضرورة فقط، مشيرة إلى أن القطاع الخاص يُجري أكثر من 70% من الولادات في مصر، مقابل 20% فقط في القطاع الحكومي، ما يستلزم تشديد الرقابة.
من جانبه، قال الدكتور خالد أمين، أمين عام مساعد نقابة الأطباء، واستشاري النساء والتوليد، لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” إن “اللجوء للولادة القيصرية يجب أن يكون عند الضرورة فقط وبإجراءات إدارية وتنظيمية لأنها تحولت لبيزنس، خاصة أن الأطباء الذين يجرونها يتقاضون مبالغ كبيرة، كما يلجأ إليها السيدات الحوامل للتخلص من آلام الولادة الطبيعية، فضلاً عن قلة الوعي لدى السيدات، وعدم علمهن بأضرار الولادات القيصرية”.
وأوضح أن “الولادة الطبيعية طبياً أفضل لدى السيدات لأنها تعتبر علاجاً طبيعياً لمنطقة الحوض لديهن، كما ترفع مستقبلاً من قوة عضلات تلك المنطقة، ما يسهل العلاقة الزوجية ويخفف من آلام الولادة”.
وأضاف أن المخاوف من الولادة الطبيعية تقتصر على الخوف من شدة الألم، و”هذا يمكن مواجهته باللجوء لجهاز مسكن الألم”، موضحاً أن “بعض السيدات يعتقدن أن الولادة الطبيعية من الممكن أن تشوه الأعضاء التناسلية لهن، وهذا غير صحيح على الإطلاق”.
وأكد استشاري النساء والتوليد أن “الولادة الطبيعية تحسن من أداء المولود، وتقوي عضلات الرحم والحوض والبطن، كما يعمل هرمون الأوكسيتوسين الذي يُفرز بكميات كبيرة عند الولادة الطبيعية دوراً أساسياً في تحفيز انقباضات الرحم، مما يساعد على توسيع عنق الرحم، ودفع الطفل والمشيمة للخارج”. وأشار إلى أن الولادة الطبيعية وإن كانت أكثر أمنا لكن تحتاج لتحفيز معين و انتظار لساعات كبيرة حتى تتهيأ عضلات رحم الأم الحامل للانقباض والولادة.
وطالب استشاري التوليد في مصر بالعودة للاستعانة بالقابلة أو الداية “وهي سيدة كانت تتولى توليد النساء في قرى مصر” في القرن الماضي، حيث يمكنها الانتظار بجانب الحوامل لساعات قد تصل إلى 20 ساعة لمن تلد لأول مرة، من أجل تهيئتها فيما تصل ساعات الانتظار إلى 6 ساعات في الولادات التالية.
وقال إن هذه البداية حيث “تقوم الداية بتهيئة السيدات للولادة في المستشفيات وحتى خروج الطفل، وتوفر على الطبيب ساعات انتظار طويلة، ويمكن اللجوء للأطباء في حالة تعسر الولادة فقط”.
اللجوء للولادة القيصرية يجب أن يكون عند الضرورة فقط وبإجراءات إدارية وتنظيمية لأنها تحولت لبيزنس
واقترح مساعد أمين نقابة الأطباء لخفض نسب الولادات القيصرية، التوسع في إنشاء وحدات الولادة الآمنة بالمستشفيات، وزيادة أجور أطباء التوليد في حالة إجراء ولادة طبيعية وبنسب تقترب من أجره عند إجراء القيصرية. كما طالب بتوفير التجهيزات الخاصة بالولادة الطبيعية مثل جهاز قياس نبض الجنين المستمر وأجهزة تسكين الألم.
وكذلك تفعيل دور المجالس العلمية واللجان الطبية لمناقشة الحالات ومراجعة الإجراءات الطبية واتخاذ قرارات الولادة.
ودعا المسؤول بنقابة الأطباء إلى “نشر البروتوكول المصري للنساء والتوليد، وتفعيل لجان المسؤولية الطبية حتى لا يكون اللجوء للولادة القيصرية هو الحل الآمن”.