محليات

بين 3 و5 ملايين سنوياً.. أجور نقل الطلاب ترهق جيوب الأهالي

دخلت حياة محمد، وهي موظفة تقطن في إحدى ضواحي ريف دمشق، وأم لشاب في الصف التاسع، في جولة مفاوضات مع عدد من الأمهات لتأمين العدد المطلوب من الطلاب والبالغ 17 في السرفيس الذي سيقلهم لمدرستهم في منطقة التجارة بدمشق، وذلك بمعدل 250 ألف ليرة على الطالب أي نحو 4 ملايين و250 ألف ليرة شهرياً.

ومع قرب بدء العام الدراسي تنشط حركة الحافلات المدرسية، وغالبيتها تعود لنفس الحافلات التي تقل المواطنين وهي حافلات قديمة، سواء من حيث فرشها أم فنياً، وتواجه أعطالاً كثيرة تؤدي لتوقفها أثناء نقل الطلاب أو قطع التوصيل عنهم ريثما يتم إصلاحها، ما يتسبب بحالة إرباك للأهل الذين غالباً ما يضطرون لتأمين وسيلة نقل بديلة لتأمين أولادهم.

ويتفق أصحاب السرافيس عادة على سعر محدد لا يفترض التنازل عن ليرة واحدة منه من قبل سائق آخر يتم تقاضيه من الأهالي وتتفاوت الأسعار بين منطقة وأخرى، سواء ضمن مدينة دمشق أم من ريف دمشق وضواحيها القريبة منها للمدينة، وهنا ترتفع بورصة الأسعار بشكل ملحوظ يوازي أحياناً القسط السنوي للمدرسة، ما يفرض عبئاً مالياً كبيراً على الأهالي بات فوق طاقة البعض منهم ما اضطرهم لنقل أولادهم وبعضهم كان في مدارس المتفوقين في دمشق مثلاً أو مدارس أخرى معروفة بمستوى دراستها الجيد من تلك المدارس لمدارس قريبة من مكان سكنهم لتوفير أجور النقل، لا سيما بحال وجود أكثر من طالب بالمنزل الواحد وعادة ما تميل الكفة لتأمين أجور نقل طالب الجامعة على حساب طالب المدرسة إذ ممكن تبديل المدرسة وإنما الجامعة أمر مستحيل.

ويشكل ارتفاع أجور النقل عقبة كبيرة في حياة المواطن خاصة الموظفين، والطلاب منهم، مقارنة بمحدودية رواتبهم، إذ تتجاوز تكلفة المواصلات في العاصمة دمشق وريفها راتباً شهرياً أحياناً بالنسبة لأسر عديدة.

فيما تؤكد والدة طالب آخر حاز على مجموع ممتاز في شهادة التعليم الأساسي ودخل في اختبار مدارس المتفوقين، ولكنها بعد أن عرفت أسعار نقل الطلاب من مكان سكنها في ضاحية الشام لأقرب مدرسة للمتفوقين في دمشق تتجاوز الأربعة ملايين ليرة سورية سنوياً، تفكر جدياً في تسجيله في مدرسة عامة قرب بيتها لعدم قدرتها على دفعه، وهو أمر محزن جداً بالنسبة لها لأن ابنها يستحق أن يكون مع أقرانه المتفوقين ولكن هذا الواقع المؤلم.

مفيد عثمان يعمل بشركة خاصة، وزوجته موظفة، ولديهم ثلاث أبناء كلهم في الجامعة، يواجه صعوبة كبيرة في أجور المواصلات التي تتجاوز شهرياً 200 ألف ليرة لكل ولد، هذا إذا لم يفكر بشراء سندويشة أو كأس شاي أثناء ساعات دوامه الطويل بالجامعة.

وتواجه طالبة تدرس في كلية طب الأسنان في جامعة دمشق وتقطن في منطقة دمر القريبة من دمشق مشكلة كبيرة في المواصلات وهي مضطرة للنزول يومياً للجامعة، كون الدوام بكليتها يعتبر إلزامياً ومحاضراتها كثيرة وحتى مستلزمات فرعها مكلفة، وفوق ذلك عليها تكبد مصاريف المواصلات التي تفوق العشرين ألف ليرة يومياً أي بمعدل 400 ألف ليرة شهرياً، وهو مبلغ يزيد من أعباء الوضع الاقتصادي على أهلها وتطالب بضرورة أخذ وضع الطلاب بعين الاعتبار وتخصيصهم بأجور مخفضة تتناسب مع الواقع الاقتصادي الصعب.

كما تقول موظفة تقطن في جرمانا: إن تكلفة نقل ابنها لمدرسته ضمن جرمانا تبلغ 300 ألف ليرة شهرياً وهو مبلغ كبير بالنسبة لها رغم أنها وزوجها موظفان، وحتى بعد زيادة الراتب لا تزال أجور النقل بالنسبة لها مرتفعة وتأخذ نسبة كبيرة من الراتب خاصة أنها تدفع أجور النقل لعملها لعدم توفر مبيت يوصلها لمنزلها.

وتغيب الرقابة تماماً عن الأرقام الفلكية التي يتقاضاها أصحاب الحافلات لنقل الطلاب لمدارسهم فصاحب السرفيس الذي يعرف أن القسط السنوي للطالب في بعض المدارس الخاصة يتراوح بين 10 و30 مليون ليرة سنوياً لن يجد حرجاً في رفع أسعاره ولسان حاله يقول: من يدفع مثل هذا المبلغ لن يعجز عن تأمين أجر نقل ابنه.

 

وعاماً بعد آخر ترتفع أجور حافلات نقل الطلاب لعدة اعتبارات، منها ارتفاع سعر المحروقات وارتباطها بشكل وثيق مع ارتفاع سعر الصرف بالسوق، وقد يحمل السائق الأعطال التي تحدث لحافلته ضمن بند الزيادة ليغطي ما يدفعه.

وضمن هذا الواقع تغيب أي رقابة من قبل الجهات المعنية عن تلك الأسعار، أو إن كان وضع الحافلات التي تقل الطلاب مناسباً من الحالة الفنية أو حتى لوضع أعداد كبيرة من الطلاب تفوق عدد مقاعد السرفيس وتصل في بعض الأحيان لوجود 18 طالباً في السرفيس الواحد بدلاً من 14 كحد أقصى مع كل ما يحمله ذلك من خطر يهدد حياة الطلاب.

وعلى الرغم من تأكيدات المؤسسة العامة لنقل الركاب في وزارة النقل بأكثر من مناسبة، أنها تقوم بعد كل زيادة تقريباً بأسعار المحروقات بتكليف فريق مختص لدراسة تكاليف النقل بشكل دقيق ومفصل وبناء على الدراسات تقوم المؤسسة بتحديد تعرفة مناسبة للواقع تلبي حاجة المواطن والسائق، كما تسعى المؤسسة لدراسة آليات محددة لتخفيض أجور النقل على الطلاب والموظفين.

المصدر: صحيفة الثورة

زر الذهاب إلى الأعلى